728x90 (1)
728x90 (1)
728x90 (1)
728x90 (1)
728x90 (1)
728x90 (1)
728x90 (1)
728x90 (1)

قراءة في لكتاب “الفرقة الناجية.. وهم الاصطفاء” للدكتور محمد بشاري. تمهيد: بين النصوص الدينية وسوء التأويل

728x90 (1)
728x90 (1)
728x90 (1)
728x90 (1)

 

كتب…..نزار سلامة

أكد الدكتور محمد بشارى الأمين العام

إن كتاب “الفرقة الناجية.. وهم الاصطفاء” هو مساهمة فكرية جادة في تصحيح المفاهيم المغلوطة، وإعادة توجيه الخطاب الإسلامي نحو قيم التعايش والرحمة. وإنه دعوة صريحة لكل مسلم ليتجاوز الانقسامات، ويتذكر أن الإسلام ليس حكرًا على جماعة دون أخرى، بل هو رسالة عالمية تهدف إلى تحقيق الخير للبشرية جمعاء

 

كما. يتناول كتاب “الفرقة الناجية.. وهم الاصطفاء” للدكتور محمد بشاري قضية من أكثر القضايا جدلًا في الفكر الإسلامي، وهي حديث افتراق الأمة، الذي استخدم عبر التاريخ لتبرير الانقسامات والصراعات بين الفرق الإسلامية. الكتاب يأتي في سياق معالجة سوء الفهم المرتبط بهذا الحديث، الذي أفضى إلى حالة من الاصطفاء الوهمي، حيث ادّعت فرق إسلامية عبر التاريخ أنها الناجية وحدها، بينما اعتبرت غيرها في ضلال وهلاك محتوم…

 

د. محمد بشارى

 

يبدأ الدكتور بشاري كتابه بمقدمة تحليلية حول خطورة الاستخدام الانتقائي للنصوص الدينية، خاصة عند إخراجها من سياقها التاريخي والمقاصدي. ويشير إلى أن تفسير النصوص الدينية يجب أن يكون قائمًا على المنهجية العلمية التي تأخذ في الاعتبار السياقات التاريخية، لا أن يُستخدم كأداة للإقصاء والتكفير…

 

يتطرق الكتاب إلى جذور هذا الفهم الخاطئ، مقدمًا تحليلًا دقيقًا لروايات حديث افتراق الأمة، ومدى صحة الأسانيد المختلفة التي ورد بها. كما يسلط الضوء على كيفية توظيف هذا المفهوم لأغراض سياسية ومذهبية عبر التاريخ، وصولًا إلى تأثيره على تفتيت وحدة الأمة الإسلامية في العصر الحديث..

 

الحديث بين الصحة والاضطراب: تحليل علمي ونقدي

يخصص الدكتور محمد بشاري فصلًا كاملًا لدراسة حديث افتراق الأمة، الذي ورد بأكثر من تسع روايات عن صحابة مختلفين، مثل معاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي هريرة، وأنس بن مالك وغيرهم. هذه الاختلافات في الرواية أدت إلى اضطراب في المتن والسند، مما جعل بعض العلماء يشككون في صحة الحديث أو في بعض إضافاته التفسيرية.

يذكر المؤلف أن هناك بعض العبارات التي لم تثبت في جميع الروايات، مثل “كلها في النار إلا واحدة” و*”ما أنا عليه وأصحابي”*. ويشير إلى أن هذه العبارات ربما أُدرجت لاحقًا لتوجيه تفسير الحديث نحو وجهات نظر معينة.

أما من ناحية السند، فيستعرض الدكتور بشاري مواقف العلماء من الحديث، حيث يرى ابن حزم والشوكاني أنه ضعيف بسبب تناقض الروايات واضطراب المتن، بينما حاول ابن تيمية وابن القيم تصحيح بعض أسانيده. أما محمد رشيد رضا، فقد ركّز على أن استغلال الحديث أدى إلى تعميق الفرقة بين المسلمين بدلًا من تعزيز وحدتهم​.

بناءً على هذا التحليل، يدعو المؤلف إلى إعادة قراءة الحديث في ضوء مقاصد الشريعة، التي تؤكد على وحدة الأمة، لا على تقسيمها إلى طوائف متصارعة…

 

توظيف مفهوم الفرقة الناجية عبر التاريخ

يستعرض الكتاب كيف تم توظيف مفهوم الفرقة الناجية عبر مختلف العصور، بدءًا من الفترات المبكرة للإسلام، مرورًا بالعصور الأموية والعباسية، وصولًا إلى العصر الحديث. في العصور الأولى، استخدمت بعض الفرق الكلامية هذا المفهوم لتبرير موقفها ضد الفرق الأخرى، مثل المعتزلة، الأشاعرة، الجهمية، والخوارج، حيث ادّعت كل فرقة أنها وحدها تمثل الإسلام الصحيح.

أما في العصر الأموي والعباسي، فقد استخدمت السلطات السياسية هذا الحديث لتبرير اضطهاد المعارضين، حيث اعتُبر الولاء للسلطان جزءًا من الولاء “للجماعة الناجية”. وتم استغلال هذا الفهم لتبرير العنف الديني والإقصاء السياسي.

في العصر الحديث، استفادت الجماعات المتشددة والإرهابية من هذا المفهوم لتبرير ممارساتها العنيفة، حيث قامت بتنصيب نفسها كـ”الفرقة الناجية”، واعتبرت كل من يخالفها في الرأي “فرقة ضالة”. وقد أدى هذا إلى تصاعد خطابات التكفير والتطرف، مما تسبب في تمزيق المجتمعات الإسلامية وزيادة العنف الطائفي​.

يشير المؤلف إلى أن المسلمين اليوم مطالبون بفهم أوسع وأشمل لمقاصد الشريعة، حيث لا يمكن أن يكون الدين وسيلة للتقسيم والصراع، بل هو أداة للوحدة والتسامح.

نحو رؤية جديدة: الإسلام كدين جامع لا مفرق

يطرح الدكتور محمد بشاري في الفصل الأخير رؤية بديلة لمفهوم النجاة في الإسلام، تقوم على الإيمان بالله والعمل الصالح، وليس على الانتماء إلى طائفة أو مذهب بعينه. يستشهد بآيات من القرآن الكريم تؤكد أن النجاة ليست حكرًا على فئة محددة، بل تشمل كل من يسير وفق مبادئ الإسلام الحقيقية، مثل قوله تعالى:

“إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِينَ هَادُوا۟ وَٱلَّنَّصَـٰرَىٰ وَٱلصَّـٰبِـُٔونَ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْـَٔاخِرِ وَعَمِلَ صَـٰلِحًۭا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” (البقرة: 62).

يدعو الكتاب إلى التخلي عن الفهم الضيق لمفهوم الفرقة الناجية، والتركيز على القيم المشتركة بين المسلمين، مثل العدل، الرحمة، والعمل الصالح. كما يقترح إصلاح المناهج التعليمية، بحيث تتبنى فهمًا أكثر انفتاحًا لمفاهيم الوحدة الإسلامية، بدلًا من تكريس الانقسام والصراع​.

الخاتمة: دعوة للوحدة والتعايش

يختم الدكتور محمد بشاري كتابه برسالة واضحة، وهي أن النجاة لا ترتبط بجماعة محددة، بل بالإيمان بالله والعمل الصالح. ويحذر من خطورة استغلال الدين في الصراعات المذهبية والطائفية، مؤكدًا أن الإسلام جاء ليجمع البشرية، لا ليفرقهم إلى جماعات متناحرة.

يشير إلى أن التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية اليوم تتطلب خطابًا جديدًا قائمًا على التسامح والاعتدال، وليس على التقسيم والإقصاء. ويؤكد أن وحدة المسلمين لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تخلى الجميع عن النزعة الاستعلائية، واعتمدوا رؤية أكثر شمولًا للإسلام.

إن كتاب “الفرقة الناجية.. وهم الاصطفاء” هو مساهمة فكرية جادة في تصحيح المفاهيم المغلوطة، وإعادة توجيه الخطاب الإسلامي نحو قيم التعايش والرحمة. إنه دعوة صريحة لكل مسلم ليتجاوز الانقسامات، ويتذكر أن الإسلام ليس حكرًا على جماعة دون أخرى، بل هو رسالة عالمية تهدف إلى تحقيق الخير للبشرية جمعاء.

728x90 (1)
728x90 (1)
728x90 (1)
728x90 (1)
728x90 (1)
728x90 (1)
728x90 (1)
728x90 (1)
زر الذهاب إلى الأعلى