الأمين العام للمجلس العالمى للمجتمعات المسلمة يطالب في كتابه ……“حق الكد والسعاية….بضرورة تبني مقاربة فقهية متوازنة، تستند إلى التراث المالكي، لتعزيز حقوق المرأة داخل الأسرة.
كتب…..نزار سلامة
طالب الدكتور محمد بشاري الأمين العام للمجلس العالمى للمجتمعات المسلمة في خاتمة كتابه ……“حق الكد والسعاية….بضرورة تبني مقاربة فقهية متوازنة، تستند إلى التراث المالكي، لتعزيز حقوق المرأة داخل الأسرة. وبصياغة قانونية دقيقة تعترف بمساهمة المرأة في تنمية الثروة المشتركة، سواء عبر العمل المباشر أو غير المباشر…
كما اكد د بشارى ضرورة توفير ضمانات قانونية للمرأة تتيح لها حماية حقوقها المالية، خاصة عند الطلاق أو وفاة الزوج.و. تفعيل مبدأ المسؤولية المشتركة بين الزوجين لضمان توزيع عادل للثروة والديون.و. إعادة النظر في بعض القواعد التقليدية بما يتماشى مع متغيرات العصر، مع الحفاظ على انسجامها مع مقاصد الشريعة..
وأشار إلى أن توصيات كتاب “حق الكد والسعاية ضمن أبرز بنود تعديل قانون الأسرة المغربية
وتابع …..في ظل الديناميات الاجتماعية والاقتصادية المتغيرة، تشكّل مراجعة مدونة الأسرة المغربية محطة مفصلية لإعادة صياغة القوانين المتعلقة بحقوق المرأة والأسرة، متسقة مع مقتضيات الشريعة الإسلامية ومواكبة لمتطلبات العصر. وقد حملت هذه التعديلات، التي جاءت بتوجيهات أمير المؤمنين الملك محمد السادس، رؤية إصلاحية تجمع بين الحفاظ على الثوابت الدينية وضمان المصلحة العامة، خاصة في ما يتعلق بحقوق المرأة ضمن منظومة الأسرة.
وحول محورية الكد والسعاية: رؤية فقهية وتشريعية….قال ….
لعب مفهوم الكد والسعاية دورًا أساسيًا في المراجعة الجديدة للمدونة، حيث استُند إلى مبادئ فقهية مستنبطة من التراث المالكي، لتأصيل حقوق المرأة المالية الناتجة عن إسهاماتها المباشرة وغير المباشرة في تنمية الثروة المشتركة داخل الأسرة. وفي هذا السياق، جاء كتاب الدكتور محمد بشاري، “حق الكد والسعاية”، ليؤسس رؤية اجتهادية متقدمة تعكس روح الشريعة الإسلامية في تحقيق العدالة والمساواة…
وأبرز ما تناوله الكتاب هو أهمية الاعتراف بجهود المرأة داخل الأسرة كعمل يستحق التقدير والمكافأة. فسواء أكانت هذه الجهود في مجال العمل المنزلي أو في دعم الزوج ماديًا ومعنويًا، فإنها تعد إسهامًا حقيقيًا في تنمية الثروة المشتركة. وقد أثّرت هذه الرؤية مباشرة في التعديلات القانونية، حيث تم إقرار مبدأ يعتبر العمل المنزلي مساهمة فعلية في تنمية الأموال المشتركة، ما يضمن للمرأة نصيبًا عادلًا عند الطلاق أو الوفاة.
وحول التعديلات القانونية: انسجام مع روح الشريعة…..فقد …
أكدت التعديلات على عدد من النقاط المحورية، التي تعكس انسجامها مع التوصيات التي قدمها الدكتور محمد بشاري في كتابه. من بين هذه التعديلات:
1. الاعتراف بعمل الزوجة المنزلي كإسهام في تنمية الثروة: يُعتبر هذا التعديل انعكاسًا مباشرًا لمبدأ الكد والسعاية، حيث أقرّ المشرع بحق الزوجة في نصيب من الثروة المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية.
2. إيقاف بيت الزوجية عن دخوله في التركة: جاء هذا التعديل لحماية الزوجة والأبناء من خطر التشريد، مع الأخذ بعين الاعتبار دور الزوجة في بناء الاستقرار العائلي.
3. ديون الزوجين المشتركة مقدمة على غيرها: يعزز هذا الإجراء مبدأ المسؤولية المشتركة بين الزوجين، ويضمن حقوق الطرفين في إطار من العدالة.
4. تمكين الأم الحاضنة من الولاية القانونية على أطفالها: يعد هذا التعديل تحولًا نوعيًا يراعي حقوق المرأة والأطفال، ويعكس اهتمام التشريع بحماية الأسرة من التحديات المستجدة.
5. إمكانية عقد الزواج للمغاربة المقيمين بالخارج دون حضور الشاهدين المسلمين: جاء هذا التعديل لحل إشكالات عملية تواجه الجالية المغربية بالخارج، مع مراعاة ضوابط الشريعة.
وبشأن الاجتهاد الشرعي: بين الثوابت والمصلحة
اعتمد المجلس العلمي الأعلى في المغرب على اجتهاد متبصر، استند إلى قاعدة “لن أحلّل حرامًا ولن أحرّم حلالًا”. وقد أبدى موافقته على معظم التعديلات، باستثناء تلك التي تتعارض مع النصوص القطعية، مثل إلغاء قاعدة التعصيب، أو إثبات النسب عبر الخبرة الجينية. هذا التوجه يعكس وعيًا عميقًا بأهمية التوازن بين احترام النصوص الشرعية وتلبية متطلبات المجتمع المعاصر.
وحول تأثير التعديلات المغربية على التشريعات الإسلامية الأخرى….أوضح د. البشارى. .
لا شك أن الإصلاحات التي أُدخلت على مدونة الأسرة المغربية تمثل نموذجًا يُحتذى به في العالم الإسلامي. فهي تعكس قدرة الفقه الإسلامي على التفاعل مع المتغيرات الاجتماعية، دون الإخلال بالضوابط الشرعية. كما أن هذه التعديلات تفتح المجال أمام الدول الإسلامية الأخرى لدراسة تجارب مشابهة، تسهم في تحقيق المزيد من العدالة للمرأة المسلمة.
وطرح د. البشارى أسئلة للنقاش المستقبلي…
1. كيف يمكن تعزيز دور الاجتهاد الشرعي في تحقيق الموازنة بين الثوابت ومتطلبات العصر؟
2. هل يمكن أن تصبح تجربة المغرب نموذجًا لتطوير قوانين الأحوال الشخصية في دول إسلامية أخرى؟
3. ما هي التحديات التي قد تواجه تطبيق هذه التعديلات في الواقع العملي؟
كما شدد على أن ، هذه الإصلاحات تمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق عدالة أكبر داخل الأسرة المغربية، متجاوزة التحديات التقليدية التي فرضتها ظروف اجتماعية وتاريخية. وقد كان لمبدأ الكد والسعاية، كما أوضح الدكتور محمد بشاري في كتابه، دورًا حاسمًا في صياغة هذه الرؤية الإصلاحية، التي تعزز مكانة المرأة وحقوقها بما ينسجم مع روح الشريعة الإسلامية ومقاصدها.