الدكتور اسامة العبد فى مؤتمر الافتاء العالمى :عقد هذا المؤتمر استجابة للتطورات التكنولوجية المعاصرة التي أفرزتها العولمة ، ف
رابطة الجامعات الإسلامية تشارك في مؤتمر دار الإفتاء المصرية الدولي
كتب : نزار سلامة
شاركت رابطة الجامعات الإسلامية ممثلة في أمينها العام معالي الأستاذ الدكتور أسامة محمد العبد في مؤتمر دار الإفتاء المصرية السنوي السادس والذي عقد ، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية ، بعنوان: (مؤسسات الفتوى في العصر الرقمي.. تحديات التطوير وآليات التعاون)، وقد عقد المؤتمر تحت مظلة الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، سعيًا منها إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية الرامية إلى تحسين إدارة المؤسسات الإفتائية وتطوير ودعم التحول الرقمي في دور وهيئات الإفتاء في العالم؛ وذلك بحضور وفود من خمس وثمانين دولة يمثلون كبار المفتين والوزراء والشخصيات العامة وبمشاركة نخبة من القيادات الدينية وممثلي دور الإفتاء على مستوى العالم.
اكد الدكتور أسامة العبد الامين العام لرابطة الجامعات الاسلامية خلال رئاسته الجلسة العلمية الأولى للمؤتمر بعنوان: (الإفتاء الجماعي ومؤسساته.. الواقع والمأمول)، أن عقد هذا المؤتمر يأتي استجابة للتطورات التكنولوجية المعاصرة، التي أفرزتها العولمة ، فالمؤتمر يبرز الريادة المصرية في قيادة الملف الديني وتجديده استجابة لتوجيهات فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية الذي يقود عمليات بناء الفكر والوطن في ظل الجمهورية الجديدة.
وأضاف الدكتور اسامة العبد أن دار الإفتاء المصرية قد أبدعت بما لها من رصيد كبير وصيت لاختيار هذا الموضوع المهم، وحشد الطاقات الفكرية والعقول الكبيرة من شتى أنحاء العالم لدراسة هذه القضية المهمة ؛ بغية ضبط الفتوى في عصر التسارع التقني والرقمنة، بما يسهم في تضييق الخناق على الإرهابيين والمتطرفين، وبما يساعد على نبذ العنف والتطرف والإرهاب عالميا
وقدم معاليه الشكر والتقدير لدار الإفتاء بقيادة الدكتور العالم الجليل شوقي علام مفتي الديار المصرية ، ولكتيبة العمل في دار الإفتاء وللأمانة العامة لدور هيئات الإفتاء في العالم، لما قدمته من جهد كبير من خلال مؤتمراتها التي حققت الخير الكثير لمجتمعاتنا الإسلامية كافة.
وقد أشاد معاليه بكلمات الجلسة الافتتاحية واعتبرها أنموذجا للوسطية والاعتدال وتقدم الفتوى لمسايرة التقدم التكنولوجي السريع من الرقمنة وغيرها التي تساعد في وصول الفتوى للمستفتي بسرعة فائقة كما تساعد في دحض التطرف والإرهاب واستقرار الأمن في جميع البلاد.
وقال فضيلة الدكتور علي جمعة رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب وعضو هيئة كبار العلماء, خلال الجلسة متحدثا عن معايير الاجتهاد الجماعي : إن معايير الاجتهاد الجماعي تتمثل في ثلاثة أركان الأول: إدراك النص الشرعي, والثاني: إدراك الواقع, والثالث: هو هذا النص ما بين المطلق والنسبي.
وتابع إن هذه الأركان الثلاثة تكون المعيار الذي نقيس به الاجتهاد الجماعي الذي في بعض الأحيان نقبله؛ لأنه التزم بتلك المعايير, أو أدرك النص الشرعي, وهو النص المقدس من كتاب وسنة.
و اشار فضيلته الى أن هناك نصا شرعيا آخر قام به مجتهدون أنقياء وصل عددهم إلى نحو 90 مجتهدا, ولكن بعضهم لم يتبعوا أو قصر أصحابه فيه مبينا أن النص الشرعي يجب على الاجتهاد الجماعي أن يدركه سواء كان نصا أو من اجتهادات الأنقياء العظماء.
وأضاف أن الواقع عوالمه كثيرة من بينها علم الأشياء والأشخاص والأحداث والأفكار.
ويجب على الاجتهاد الجماعي أن يدرك هذه العوالم بعمق وكذلك مفتاح كل عالم منها, وكيف يتعمق في إدراكها ومن هنا نشأت كثير من المجامع الفقهية.
بدوره قال الدكتور مبروك النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية فى الجلسة بشان موضوع : (الإفتاء الجماعي ومؤسساته الواقع والمأمول). إن موضوعات التعاقد كانت بسيطة ولكن الأمر تغير اليوم فلقد أصبحت الأمور متداخلة ومركبة وتحتاج إلى تدخل عالم أو خبير, اذ إن الإفتاء يتعلق ببيان حكم الله, أما تنفيذ الإفتاء فيحتاج إلى سيف العدالة وقول القضاء.
والمرء يمكن أن يتابع الأحداث لحظة بلحظة, فالعالم بحق أصبح قرية واحدة ومن يدري فربما يصبح العالم كالبيت الواحد وقال إن مشكلات العالم أصبحت معقدة ومتداخلة والعلاقات الأسرية لم تعد كسابق عهدها في السير على مقتضيات الأعراف.
وأشار إلى أن مجمع البحوث قد نبه منذ أكثر من 60 عاما على حفظ الدين بالإفتاء الجماعي فجاء في قراره الأول سنة 1962م أن القرآن والسنة النبوية هما مصدرا الأحكام الشرعية وأن السبيل لمواجهة الحوادث المتجددة ومراعاة المصالح أن يتخير المفتي من بين الأحكام الفقهية, وإلا فالاجتهاد الجماعي المطلق, والمفتي إذا لم يقدر على الوصول إلى المنهج الصحيح.
ومن جانبه اوضح الدكتور محمود مشعل أستاذ الفقه المشارك بكلية الإمام مالك للشريعة والقانون بدبي, فى الجلسة عن موضوع (توحيد الفتوى في نوازل أزمنة الجوانح والأوبئة بين الواقع والمأمول). إن منصب الفتوى الشرعية من أهم المناصب الدينية لتعلقها بحاجة الناس إلى بيان حكم الشرع في أفعالهم وأقوالهم وأحوالهم, خاصة فيما ينزل بهم من المستجدات والنوازل والملمات, وتزداد هذه الحاجة تأكيدا وإلحاحا في ظل ما يمر به العالم في هذه الآونة من انتشار فيروس كورونا المستجد, رغم أنه قد رصدت تسابقات على الفتوى في ظل جائحة كورونا.
وأشار د/ محمود إلى أن دار الإفتاء المصرية قد تعاملت وبنجاح مع ظروف هذا الوباء, بصفتها أعرق المؤسسات الإفتائية في العالم كله, حيث استطاعت أن تجمع شتات هيئات الإفتاء في العالم تحت مظلة الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم, كما أنها لم تأل جهدا في تقديم معالجة شرعية وإفتائية للكثير من المسائل والإشكالات التي استحدثت مع ظهور جائحة كورونا.
وخلال كلمته شدد الدكتور محمود إسماعيل مشعل على أن العصر الرقمي الذي نعيشه يضم طفرات تقنية هائلة, وحيال ذلك يتحتم علينا الاستفادة منها في مجال الإفتاء رصدا وتحليلا واستشرافا للمستقبل من خلال المؤشر العالمي للفتوى فنتخذ السبيل إلى توحيد الفتوى أزمنة نوازل الأوبئة.
كما تحدث سماحة الشيخ أبو بكر عبد الله جمل الليل مفتي جمهورية القمر عن موضوع وعنوانه: (الإفتاء الجماعي ومؤسساته.. الواقع والمأمول).
إن الإسلام دين الوسطية والرحمة والتسامح متى التزم الناس بمبادئه, كانوا أمة الوسطية التي شهد لها القرآن الكريم بالخير والفضل, وذلك في قوله سبحانه وتعالى: ((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)). آل عمران: 110
وتحدث عن الإفتاء الجماعي والرقمنه في دار الإفتاء في بلاد جزر القمر قائلا: لقد كانت الفتوى في دار الإفتاء عندنا منذ استقلال البلاد عام 1975م فردية مختصة بمفتي الجمهورية وربما استشار فيها بعض العلماء ممن يوثق في دينهم وعلمهم بدينه وعلمه، ويتولى المفتي الحالي منصب الإفتاء منذ إبريل 2020م.
ون تابع نظرا لأهمية الإفتاء الجماعي ومنافعه وفوائده اتخذت دار الإفتاء في جزر القمر (الإفتاء الجماعي) منهجا لها، حيث أوجد مجلس الإفتاء في نظامه الجديد والمكون من أحد عشر عضوا، تسعة أعضاء دائمين وعضوين منتدبين من الخبراء والمتخصصين في المجالات الأخرى وحسب موضوع الإفتاء.
وبين مفتي جزر القمر أهمية الإفتاء الجماعي عندهم، واشتداد الحاجة إليه في هذا العصر موضحا أن الاجتهاد والإفتاء الجماعي هو إرجاع لدور العلماء في أمتي، مع وجوب مراعاة واقع المجتمع في الفتيا، وذلك بمراعاة طبيعة البلاد وبما جرى به عمل المفتين وما يسنه ولاة الأمر من الأنظمة.
وكان آخر المتحدثين في آخر الجلسة هو الدكتور مجدي عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الجمهورية وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية وجاء موضوعه بعنوان: “الإفتاء الجماعي وفتاوى الأحوال الشخصية في ظل العصر الرقمي”.
قال فضيلته: إن المجتمع الإنساني أصبح يعيش في ظل العصر الرقمي وكأنه في مكان واحد، مما أفرز أنماطا من الحياة لم تكن معهودة من قبل على كافة المستويات، وخاصة الأسرة نتيجة ما تمتاز به هذه التقنية المتطورة من إلغاء الحدود والسرعة العالية في نقل الثقافات المتنوعة والتقاليد المختلفة.
وأشار الدكتور عاشور إلى أن هذه الأنماط الجديدة خاصا في مجال الأسرة والأحوال الشخصية، طرحت نفسها بقوة خلال العقود الأخيرة على ساحة الخطاب الديني والبحث الفقهي بهدف معرفة الحكم الشرعي بخصوصا، ومع التسليم بأنه ليس بوسع الإفتاء الفردي أن يستوجب تلك المستجدات، فضلا عن إدراك واقعها المعقد بصورة كاشفة، فإنه ينبغي أن يتصدر لمعالجة هذه القضايا المؤسسات والهيئات الإفتائية والفقهية من أجل إصدار فتاوى وأحكام شرعية ملائمة لواقع كل مسألة حتى نحقق مقاصد الشرع الشريف ونرفق بالناس وذلك كله حتى تأخذ الفتوى بالناس نحو التحلي بالأخلاق والقيم الفاضلة لما يسهم بشكل إيجابي في استقرار الأسرة والمجتمع.
وأكد الدكتور مجدي عاشور في بحثه على عدة نتائج عرضها منها أن مصطلح الإفتاء الجماعي، مركب إضافي ويطلق اصطلاحا على صورة عملية يحصل فيها اتفاق أغلبية المفتين في نطاق مجمع فقهي أو هيئة أو مؤسسة على حكم شرعي عملي، لم يرد به نص قطعي الثبوت والدلالة بعد بذل جهدهم في البحث والتشاور بخصوص الواقعة المستفتي بخصوصها.
كما أشار إلى أن مؤسسات الإفتاء الجماعي وعلى رأسها دار الإفتاء المصرية، رأت التقدم الرقمي الحديث فلم تقف منه موقف الجمود، بل تعاملت معه انطلاقا من واجبها الشرعي والوطني خاصة في مسائل الأحوال الشخصية عبر مسارات متنوعة.
وجدير بالذكر أن المؤتمر يواصل عقد جلساته لليوم الثاني على التوالي حيث يعلن في ختام المؤتمر التوصيات التي خرج بها العلماء والمفتون .
وتتمحور أهداف المؤتمر حول زيادة الوعي بأهمية الرقمنة وما يعود من تفعيلها في المؤسسات الإفتائية على حالة الافتاء, وتفعيل دوره في المجتمعات وتوضيح متطلبات تطوير المؤسسات الإفتائية تقنيا لإدخالها في عصر الرقمنة, وكذلك دعم التقنيات الرقمية القائمة في المؤسسات الإفتائية ونشرها بين أعضاء الأمانة العامة, إضافة إلى مناقشة وسائل الوقوف على متطلبات المستفتين من مختلف الدول الأعضاء.