وزير الأوقاف: الإرهاب والفساد والإهمال أدواء مدمرة لأى دولة أو مجتمع..
كتب // نزار سلامة
ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، خطبة الجمعة اليوم، بعنوان: “الفساد مخاطره وصوره المعاصرة” بمسجد “السلطان فرج بن برقوق” بحى منشأة ناصر بالقاهرة، بحضور اللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، واللواء إبراهيم عبد الهادى نائب محافظ القاهرة، واللواء محمد عبد الجليل رئيس حى منشأة ناصر، والشيخ خالد خضر مدير مديرية أوقاف القاهرة، وعدد من أعضاء مجلسى النواب والشيوخ بمحافظة القاهرة، وعددا من القيادات الأمنية والشعبية بالمحافظة، وبمراعاة الضوابط الاحترازية والإجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي.
وفى بداية خطبته أشار وزير الأوقاف، إلى تحذير النبى (صلى الله عليه وسلم) من أكل السحت؛ حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “أيما جسم نبت من الحرام فالنار أولى به”، ويقول أيضًا (صلى الله عليه وسلم): “لا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ”، ويقول أيضًا (صلى الله عليه وسلم) : “لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ، النَّارُ أَوْلَى بِهِ”، مبينًا معاليه أن الحرام سم قاتل، ومع أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قد أوضح لنا الحلال من الحرام قائلًا: “إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، والْحَرَامَ بَيِّنٌ” إلا أن بعض الناس تأخذهم الدنيا فيتغافلون عن الحرام والفساد، مع أن الأديان كلها قائمة على الصلاح والإصلاح لا على الفساد والإفساد، حيث يقول سبحانه : “فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” فلم يكتف بعدم الإفساد بل أسهم فى الإصلاح، ويقول سبحانه : “فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ”، يقول أهل العلم: إنه لا يُكتفى من الإنسان أن يكون صالحًا فى نفسه بل عليه أن يكون من المصلحين، وهذا منهج الأنبياء والمرسلين (عليهم الصلاة والسلام)، فهذا سيدنا موسى (عليه السلام) يقول لأخيه هارون (عليه السلام) : “اخْلُفْنِى فِى قَوْمِى وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ”، ويقول سيدنا صالح (عليه السلام) لقومه : “وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِى الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ”، ويقول سيدنا شعيب (عليه السلام) : “إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِى إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ”.
وأوضح جمعة، أن هناك ثلاثة أدواء تدمر أى دولة وأى مجتمع هي: الإرهاب، والفساد، والإهمال، ومقاومة الفساد أحد أهم دعائم وركائز أى حكم رشيد، وهو ما تتخذ منه الدولة المصرية فى عهدها الراهن خطًا ثابتًا وحاسمًا، وإذا أفلت المفسد والمختلس من حساب الخلق فلن يفلت أبدا من قبضة الخالق لأن الله سبحانه وتعالى لا يحب الفساد ولا المفسدين ولا يصلح عمل المفسدين، حيث يقول سبحانه : “وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ”، ويأتى التأكيد بإن واسمية الجملة، حيث يقول سبحانه : “إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ”، ويقول سبحانه : “إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ”، وهناك فرق بين الفساد والإفساد، تقول فسد الطعام إذا لم يعد صالحًا للأكل، وفسد الشراب إذا لم يكن يصلح للشرب، وفسد الثوب إذا لم يكن صالحًا للبس، فالفساد يحدث وأشد منه الإفساد، ويُقال للإنسان الذى يفعل الفساد فاسد، فإذا أسرف فى الفساد قيل له مُفسد، لأن زيادة المبنى زيادة فى المعنى، والمفسد أيضًا من يحمل غيره على الفساد أو يسهل الفساد لغيره.
كما ذكر وزير الأوقاف، بعض أنواع الفساد منها: الاختلاس، حيث يقول الحق سبحانه : “وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ”، وكذلك الاحتكار، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “المحتكر ملعون”، ومنها الرشوة أيًا كانت فيقول (صلى الله عليه وسلم) : لَعنَ اللهُ الرَّاشِى وَالْمُرْتَشِى والرائش”، وفى كل الروايات بدأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالراشى قبل المرتشى، لأن المرتشى قد يكون فاسدًا أو مفسدًا، أما الراشى فهو مفسد بلا جدال، لأنه يحمل الآخر على الإفساد، كما أن الغش من أشد أنواع الفساد، الغش فى الطعام، والشراب والدواء، وغش المصنوعات، والأدوية، وفى كل شيء، لأن الغش يهدد السلم والأمان الاجتماعى، ويجعل الناس فى قلق واضطراب، ولذا يقول (صلى الله عليه وسلم) : ” مَن غشَّنا فليس منا”، ومن أشد أنواع الغش وأكثرها خطرًا على المجتمعات الغش فى الامتحانات، لأنه إذا كان الغش فى الطعام قد يؤذى عددًا من الناس، فالغش فى الامتحانات يدمر جيلًا أو أجيالًا أو قد يدمر أممًا ويقذف بها إلى التخلف العلمى والتكنولوجى، فمن أشد أنواع الفساد الغش فى الامتحانات لأنها تعطى من لا يستحق ما لا يستحق وتقدم غير الأكفاء، فالغش فى الامتحانات يدمر الأمم، وكل هذه الأدواء تفتك بالمجتمعات ولا يمكن لأمة أن تنهض ما لم تتخلص من الفساد ومالم تواجهه بكل حسم، مبينًا أن مواجهة الفساد ليست مسئولية جهة وحدها، فمواجهة الفساد مسئولية شرعية ووطنية ومؤسسية ومجتمعية، وواجب على كل منا أن يطهر نفسه ويصلح من حوله وأن يواجه الفساد وأن لا يسهم فيه وألا يرضى به، وإن وجده فواجب عليه أن يبلغ السلطات المختصة حتى تتخذ الإجراءات المناسبة، لأن الله لا يحب المفسدين.